أحمر غامق
عمار حسن الهسي
١٢ عاما
داخل بيارة جدي ترى كل شيء جميل، الورود المتفتحة بألوانها الحمراء والبيضاء تحت أشجار الزيتون والرمان، كأنها لوحة فنية جميلة، أيضاً يتواجد داخل هذه البيارة شجرة لا أعرف اسمها الحقيقي؛ لكن سكان قريتي من الصغار والكبار يطلقون عليها اسم "شجرة الحناء".
كنت أشاهد فتيان وفتيات القرية يجمعون أوراق هذه الشجرة، ويضعون ورقها الأخضر تحت أشعة الشمس حتى تجف، بعد ذلك تقوم نساء القرية بطحن هذه الأوراق المجففة. عندما تزوج عبود ابن حارتنا كانت سهرة جميلة، عزف خالي على العود وغنينا الأغاني الشعبية ورقص شباب الحارة على أنغام الدبكة حتى منتصف الليل. وفي نهاية السهرة حضرت النساء وفوق رؤوسهن صحون كبيرة يوجد بداخلها عجينة الحناء، اقتربت بجانب النساء لأشاهد ذلك. وضعت إحدى النساء في يدي قليلا من الحناء، وانتشرت رائحة الحناء في كل مكان، رائحتها نفاثة، استغربت من ذلك، نظرت إلى فتيان القرية وجدتهم يضحكون ويلوحون بأيديهم إلى السماء مع أنغام الموسيقى. تمايل بجانبي صديقي أيمن وقال لي: أغلق يدك ولا تفتحها حتى الصباح.
استلقيت فوق فراشي وأنا محكم الإغلاق على يدي، نمت وأنا أنتظر ماذا سيحدث بيدي؟ وفي الصباح نظرت إلى يدي فوجدت لونها أحمر غامق، حاولت أن أغسل يدي بالصابون، فازداد لون الحناء جمالاً، اندهشت كثيراً من ذلك. حين تجمع أولاد الحارة أمام بيتنا، بدأنا ننظر إلى أيدي بعضنا البعض، نتأمل الخطوط والأشكال ورسوم الحناء فوق أيدينا، ضحكنا وتراقصت قلوبنا فرحاً بلون الحناء الأحمر الغامق.